الثلاثاء، 29 يوليو 2008

زراعة الأسنان

زراعة الأسنان.. علم حديث أحدث ثورة في عالم الطب في السنوات العشرين الاخيرة.. زراعة يحتاجها كبار السن والصغار أيضا.. وهي البديل الأفضل لكل إنسان فقد سناً او عدة أسنان لكونها الافضل حاليا تعويضيا.. ورغم اهمية الزراعة وانتشارها على مستوى العالم الا انها ما زالت في الشرق الأوسط، وفي المملكة تحديدا تحبو في بداياتها ولم تنتشر كثيرا.. ربما لتخوف الناس.. او عدم الالمام بها وكيفيتها .. او لأسباب مادية.وحول زراعة الاسنان وكل ما تتعلق به تستضيف الجزيرة اليوم واحدا من امهر وأقدم الأطباء في الشرق الاوسط المختص في زراعة الاسنان الذي يقوم حاليا بزيارة منطقة القصيم في مدينة بريدة وهو الدكتور السوري خيري الجابي فكان هذا اللقاء.* هل هذه الزيارة هي الاولى لك في المملكة؟- هذه هي الزيارة الثالثة حيث إنني أحضر كطبيب زائر كل شهر تقريبا احضر لمدة خمسة أيام في القصيم.. وبناء على حالات يحضرها الاطباء الذين يعملون في المستوصف نعالج الحالات .. يعني الزيارات السابقة كلها استشارات وتحضيرات.. والقصيم حسبما سمعت تعتبر في بداياتها بالنسبة لزراعة الاسنان فتحتاج في البداية الى تثقيف المرضى وتعريفهم بالزراعة لأن الناس ما زالوا متخوفين منها ونحاول أن نبين لهم ان زراعة الاسنان الآن اصبحت شيئاً روتينياً يتم من دون ألم او مضاعفات، وهو الحل البديل والأمثل الآن لتعويض الأسنان المفقودة.* زراعة الأسنان هي من أحدث العلوم في مجال طب الاسنان ولكن أصعبها لماذا؟- نعم أصعبها لأنه يشمل عدة تخصصات مع بعضها البعض يعني من يعمل في زراعة الاسنان يجب ان يلم بالأمور الجراحية وأمراض اللثة وعلم التعويضات والأطباق والناحية التجميلية.. وعندما نعيد زراعة سن في مكانه يجب أن نطبق كل ما سبق من الناحية التجميلية والوظيفية بشكل كامل.* حدثنا عن هذه الزراعة وكيف تتم؟- زراعة الاسنان بدأت في العصور القديمة، فكانوا يزرعون معادن مختلفة من نحاس، ومن حديد في عظام الفكين حتى في عصر الفراعنة والصينيين .. ظلت هذه الفكرة وتطورت بشكل كبير في الخمسينيات في الولايات المتحدة الامريكية حيث بدأ استخدام معدن التيتانيوم، ووجد انه اذا زرع في الجسم لا يرفضه الجسم، وكانت هذه خطوة كبيرة وثورة علم زراعة الاسنان.. الفضل الاكبر يعود الى السويد والعالم السويدي بنيرمارك في عام 1981م نشر اول ابحاث، وكان عمرها حوالي 25 سنة من الدراسة وأجراها في السويد على وضع معدن التيتانيوم في الفم وتحويله لأسنان وكان لديه نتائج كافية بعد 25 سنة من النجاح حتى يظهر الاختراع الذي اكتشفه.. ووضع معدن التيتانيوم في الفك يبدأ من الحفر الوطي وعدم تعريض الفك لحرارة عالية مع تبريد، ووضع الزرعة واعتبارها ضمن الفك لمدة تتراوح ما بين ثلاثة الى ستة أشهر.وهنا عندما نزرعها بدون ربط يقبلها الجسم ويلتحم معها، وهذا ما يسمى بالاندخال العظمي.. وبعد الكشف على الزرعة، عقب أربعة أشهر نجد انها جزء ثابت مع الفك وقد التصقت تماما وتكون جاهزة لكي نحمل عليها الاسنان المختلفة من سن واحد الى مجموعة أسنان.* ونوعية هذه الأسنان عاجية أم ماذا؟- الأسنان تكون من نوع الخزف بأنواعه والمتعارف عليه المستخدم في صناعة التركيبات والجسور ونستخدم أحيانا معادن تحت الخزف، وهي من النوع الخفيف ومن أنواع التيتانيوم لتؤمن ناحية جمالية وطيفية ممتازة.* أليست معرضة للكسر ام هي بقوة السن الطبيعي؟- من ناحية القوة، فالزرعة تتحمل قوة أكثر من السن الطبيعي مرتين.. ونحن دائما عندما نزرع الزرعة في مكان معين بالفك يجب ان يكون في مكان مدروس في الاماكن التي تتعرض لقوة إطباقية كبيرة يعني ما نقدر نحط زرعة صغيرة في منطقة الأرحاء ومنطقة الضروس لأننا بحاجة هنا الى مضغ شديد، وهذا يكون ضمن خطة العلاج.* كم تكلفة عملية زراعة الاسنان من سن الى طقم كامل؟- إذا نتكلم على المستوى العالمي، فالزراعة تعتبر من أغلى أنواع علاجات الاسنان.. والغلاء يعود الى كلفة المواد الداخلة في هذه الزرعات من معدن التيتانيوم الذي يعتبر معدناً ثميناً اضافة الى انه يعمل بطرق معينة ليقبله الجسم هذا مع تعقيمه.. والشركات تتنافس لإنتاج المواد وتوفيرها.. وما زال الزرع غالي الثمن.. واذا أردنا مقارنته بالعلاجات الاخرى نستطيع ان نقارنه بوضع جسر ثلاث قطع من الخزف داخل الفم بدلا من حك الاسنان ووضع الجسر ممكن نتعامل مع الفراغ ونضع الزرعة في الفراغ، ونركب عليها وتقريبا الكلفة تكون معادلة للكلفة ثلاث قطع.. ونحن في المملكة نأخذ اسعاراً أقل من الأسعار العالمية حيث إن الزراعة في المملكة تكلف حوالي أربعة آلاف ريال للسن الواحدة كاملة من وضع الزرعة الى تركيب السن.. بينما عالميا في امريكا مثلا تكلف الزراعة حوالي 2500 دولار اي ما يعادل حوالي عشرة آلاف ريال.* كثير من المرضى يزرعون اسناناً.. ولكن القليل يحالفهم النجاح.. ما السبب؟- الزراعة قبل عشر سنوات كانت في بداياتها.. واليوم وصلت الى مرحلة متقدمة جدا.. والذي يقوم بالزراعة يجب ان يكون متخصصاً بالزرع وهذا يختص بالطبيب، اما من ناحية المريض فالزرع ليس معجزة في وضع سن ونتوقع ان يتم طول العمر دون ان يكون هذا المريض يهتم بصحة فمه.. فالعناية بالصحة الفموية ومراجعة عيادة الاسنان كل ستة شهور للتأكد من صحة الفم وللتأكد من سلامة الزرعة .. فإذا اهمل المريض قد تفشل الزرعة وهذا الفشل يعود للمريض نفسه ولا يمكن أن نلوم فيه الطبيب.. لذلك الطبيب والمريض يشتركان في نجاح او فشل الزرع.* بماذا تنصح من سبق له زراعة الاسنان؟- بالنسبة للزراعة يجب على كل مريض ان يكون متفقا مع طبيبه على وضع برنامج دوري ومتابعته واعطائه ارشادات معينة، وهذه الامور يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار.* هناك زراعة ثابتة وهناك متحركة.. ممكن تحدثنا عن ذلك؟- هناك مرضى لا يستطيعون زراعة طقم كامل.. مثلا مريض بحاجة الى فك كامل ومتقدم بالسن ولا يتحمل عملاً جراحياً قد تكون له مضاعفات، ولا يتحمل التخدير او التكلفة المادية هي العائق، وهذا اذا كان عنده مشكلة في ثبات الطقم عنده، نحن نستخدم له زرعتين او ثلاثاً في الفك السفلي وحوالي اربع زرعات في الفك العلوي ونركب عليها الطقم المتحرك ويكون ثباته جيداً وهذا سبب الاطقم المتحركة.* أليس هناك خطورة تجرثمية من فكه وتركيبه الدائمين؟- يهمنا أكثر من موضوع تجرثم الطقم المتحرك يهمنا الزرعات والاجزاء البارزة من اللثة وهي الثابتة والمهمة، اما الطقم فيجب ان يكون هناك اهتمام بتنظيفه دائما.* ما هي أسباب تساقط الأسنان يا دكتور خيري؟- الأسباب كثيرة ونتيجة عوامل مختلفة. وأهم هذه العوامل هي نخور الأسنان، وإذا لم يعالج في بدايته يؤدي الى سقوط السن، وهذا النخور هو التسوس من المواد الحمضية التي تنشأ من تفاعل السكريات مع لعاب الفم وتشكل المادة الحامضية التي تبدأ تأكل من المينا والعاج في السن، فتؤدي الى تشكل حقن في السن، وهذه تستمر في العمل حتى تصل الى العصب ثم تؤدي الى آلام شديدة وتتحول الى خراجات في العظم، وعندها يصبح لا أمل في علاج السن، ويتم خلعه.. والنخور هو العامل الأول في سقوط الأسنان.. العامل الثاني هو الاصابات الرضية عند الأطفال والرياضيين واصابات الطرق، وهي ثاني سبب حسب الاحصائيات.. السبب الثالث هو الأمراض اللثوية وهي تكون بنقص العناية بصحة الفم والتفديش.. وهناك أسباب عامة وراثة مثلا الأب أو العم أو العائلة يكون عنده فقط في بعض الأسنان ونسميه الفقد الجنيني، وهذا ليس للمريض يد فيه، ويمكن أن يعالج في المستقبل بوضع زرعات.* بعض الأطباء ينصحون المرضى بالحشوة ومنعهم من الخلع.. برأيك أيهما أفضل.. أخلع وأزرع أم أحشوه؟- نحن لا نقول: إن الزرع علاج للأسنان التي يمكن علاجها.. نحن نقول الزرع عند فقد الأمل.. وأنا مع الحشو لأنه لا يوجد شيء يعوض السن الذي خلقه رب العالمين، وطالما أن الحشوة تساعد على استمرار السن فهو أفضل.. ولا يمكن ان نعوض السن إلا إذا كان مفقوداً.. أما إذا فيه تسوس كبير فعلاجه أهم من خلعه وزرعه بديلاً له.* كيف ترى طب زراعة الأسنان في الشرق الأوسط؟- الحقيقة في السنوات الأخيرة بدأت في التطور الكبير، وهي نتيجة عودة المختصين من أمريكا وأوروبا لممارسة هذا الاختصاص في منطقة الشرق الأوسط.. وأنا أذكر في البدايات في التسعينات كنت من الأوائل الذين مارسوا الزرع في الشرق الأوسط.. واليوم هناك أعداد لا بأس بها من الاستشاريين والأخصائيين الذين يقومون بهذا العمل.. ولكن تظل المحدودية في انتشارها وأحمل السبب، للعامل الاقتصادي حيث إنه في بعض البلدان لا يستطيع الشخص أن يتحمل الزرعة ويفضل ان يذهب للتعويضات القديمة من تركيبات وجسور لأنها أقل كلفة له.* ما هو الجديد في طب الأسنان؟- أنا أرى أن طب الأسنان وصل الى مراحل متقدمة جيدة جداً مقارنة بطب الأسنان في الخمسينات أو الستينات.. فخلال العشرين سنة الأخيرة كان هناك تسارع شديد في علوم طب الأسنان وأدى الى انه تعالج مشاكل كان لا يمكن علاجها.. وتطور أخذ يحدث في المواد السنية المستخدمة في علاج الأسنان من الحشوات، ومن المواد المستخدمة في تركيب الأسنان والمواد الخزفية والتطور في الأبحاث وتطوير هذه المواد أدى الى تطور طب الأسنان بشكل كبير جداً.* كم عملية زراعة أجريت منذ تخصصك؟ وما هي الأصعب؟- عدد العمليات ليس بذهني الآن، ولكن لا يقل عن سبعمائة مريض تم اجراء عمل جراحي لهم والحالات الحمد لله معظمها ناجحة، والفشل ضئيل جداً، ويكاد لا يذكر مقارنة بطب الأسنان التقليدي.. وأصعب العمليات هي عندما يراجعنا المريض، وهو خالع أسنانه من فترة بعيدة، حيث يكون العظم قد ضمر فيصبح من الصعوبة بمكان زرع الزرعة لذلك ننصح كل مريض أن يستشير طبيبه قبل الخلع إن كان هناك متوفر لديهم خدمة وضع زرعات، وإذا ما وجد لديهم فيفضل للمريض ان يراجع عيادات لديها هذه الخدمة.. حيث يتم تجهيز الزرعة بعد الخلع مباشرة لكون العظم جاهزاً لتقبل الزرعة مباشرة وهنا نجنِّب المريض اجراء عمل جراحي أقل كلفة مالية.* الكثير يتخوفون من الزراعة.. بماذا تنصحهم؟- التخوف هو نتيجة عدم معرفة بهذه الزراعة وطريقتها، ولكن بمجرد معرفته أنها لا تتجاوز عشرين دقيقة فقط، وتتم في عيادة طبيب الأسنان وتحت التخدير الموضعي وعمل جراحي بسيط وأسهل من خلع السن وأسهل من قطع الأعصاب وبعد زوال مفعول المخدر لا يشعر بأي ألم سوى شيء بسيط فقط بالمسكنات البسيطة يزول.. وبعدها المراحل الأخرى سهلة ولا حاجة للتخدير لأننا نتعامل مع جسم ليس فيه أعصاب لا يؤلم ولا يتسوس ويتقبله الجسم.. والزراعة سهلة، ولكن الناس يحتاجون الى التعريف بالزراعة وسهولتها ومن ثم سيزول كل الخوف الذي ينتاب من يريد الزراعة وخائف.

ليست هناك تعليقات: