السبت، 8 نوفمبر 2008

تحرك قانوني عربي لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة

جرائم الصهاينة ضد الإسلام والمسلمين لا تنتهي!




تقرير- حسن محمود:



وضع خبراء القانون الدولي وحقوقيون دوليون وعرب العديدَ من المبادئ القانونية لمحاكمة مجرمي الحرب من الكيان الصهيوني، وطالبوا الأنظمة العربية بشكل رسمي، خاصةً مصر والأردن، بأن تمارس صلاحياتها بموجب القانون الدولي للقبض على مجرمي الحرب الصهاينة، مشددين على أن القانون الدولي سلاحٌ تأخَّر العرب كثيرًا في استخدمه ضد الكيان الصهيوني.
جاء ذلك في مؤتمر الحصانة والملاحقة القضائية لمقترفي جرائم الحرب "الإسرائيليين" الذي شارك فيه بشكل مفاجئ وفدٌ رسميٌّ من جامعة الدول العربية برئاسة السفير محمد صبيح، وهشام يوسف رئيس مكتب الأمين العام، وسها الصوراني رئيس إدارة "إسرائيل"، ومحمد جمال رئيس إدارة فلسطين، ومحمد رشاد رئيس إدارة حقوق الإنسان بالجامعة.
وأصدر المؤتمر "ورقة مفهوم"؛ طالب فيها بتطبيق كامل لمبدأ الولاية القضائية الدولية فيما يتعلَّق بمحاكمة المشتبه فيهم بارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

دَور مصر


في البداية.. أكد ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة أن المجتمع الدولي بات متهمًا بصمته عن انتهاكات الكيان الصهيوني تجاه الفلسطينيين، موضحًا أن الصمت الدولي وصل إلى درجة التواطؤ وخيانة المواثيق الدولية.

وطالب الشعوب والحكومات بالحد من ثقافة الإفلات من الملاحقة القضائية، مستخدمين الآليات السلمية والعدلية، سواء في القضاء الوطني أو الوطني ذي الولاية القضائية الدولية أو القضاء الدولي.

وتساءل: دولة مثل مصر صادقت على اتفاقيات جنيف، ألا يمكِّنها هذا الانضمام من الملاحقة القضائية لمجرمي الحرب الصهاينة الذين اقترفوا أو أمروا باقتراف المخالفات الجسمية لهذه الاتفاقية؟!


سلاح مهم




وأكد راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة أنه لا بديل الآن عن استخدام القانون الدولي جنبًا إلى جنب بجوار سلاح المقاومة؛ لحمايتها وحماية الشعب الفلسطيني الذي بات محاصَرًا من كافة الجهات.

وأوضح أن القانون الدولي سلاح تأخَّر استخدامه كثيرًا في المنطقة ضد الصهاينة الذين يُجيدون استخدامه أمام العالم الغربي.

وأشار إلى أن المنظمات الحقوقية والقانونية عملت منذ فترة على توثيق جرائم الاحتلال الصهيوني بشكل منظَّم ودقيق من أجل وضع ملف قانوني لكل جريمة؛ لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها داخل الكيان ثم تصعيدها بعد ذلك إلى القضاء الدولي.

وكشف عن أن الكيان الصهيوني هو "الدولة" الوحيدة في العالم التي وضعت تشريعًا قانونيًّا يحمي التعذيب بصورة قانونية ويحمي الاغتيال خارج نطاق القضاء، مؤكدًا أن المحاكم الصهيونية فشلت في مواجهة الاغتيالات ومحاسبة الجناة؛ مما مهَّد لنا الطريق للتصعيد الدولي بالتعاون مع كافة الحقوقيين والقانونين المعنيين بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

وأوضح أن جميع القضايا الفلسطينية التي تُرفَع أمام المحاكم الصهيونية تتعرَّض لمشكلتين كبيرتين؛ هما تحديد مدة 60 يومًا فقط لتقديم القضية بكافة الأدلة من أجل التعجيز، ومطالبة أهالي الضحايا بدفع رسوم تأمين للقضية من قيمة التعويض المطلوب تصل إلى 2.5%، وهو شيء مكلف جدًّا.


تأثير قوي



وأشار أنيس فوزي القاسم المحامي والحقوقي إلى أن "إصرارنا على الملاحقات القانونية أحدثت تأثيرًا كبيرًا، ووضعت قيودًا كبيرة على تحرك المسئولين الصهاينة في أوروبا، وكفلت الحكومة الصهيونية باستقدام آراء قانونية من مكاتب أوروبية حول الآثار القانونية لملاحقة هؤلاء المسئولين، فضلاً عن لهث الصهاينة وراء أمريكا لإصدار تشريعات للحد من تشريعات أوروبا الملاحقة لهم، مؤكدًا أن وقوع أحد هؤلاء المسئولين سيكون بداية النهاية لاطمئنان الصهاينة على جرائمهم.

وطالب كل الأنظمة العربية، وخاصةً مصر والأردن، بأن تمارس صلاحياتها بموجب القانون الدولي في القبض على مجرمي الحرب الصهاينة الذين يزورون بلادهم في أقرب فرصة وعدم التعاون معهم والترحيب بهم.


توسيع فرص النجاح



وأكد دانييل ماكوفر (محامٍ لحقوق الإنسان في مؤسسة "هيكمان آند روز" في لندن) أن مشاركة عدد كبير من الدول في اتفاقية جنيف، ساهم بشكل كبير في تحسين فرص نجاح المقاضاة الدولية لمجرمي الحرب الصهاينة.

وأوضح أن المسئولين "الإسرائيليين" يمارسون ضغوطًا كبيرة على الساسة البريطانيين للحصول على معاملة "خاصة" للإفلات من حالة الملاحقة القضائية لهم التي بدأت تتزايد في بريطانيا، مشيرًا إلى أن قضايا اغتيال الشيخ صلاح شحادة قائد كتائب القسام السابق وهدم 59 منزلاً في رفح في 2002م وقتل الطفل محمد عبد الرحمن في 2001م، تشهد اهتمامًا بريطانيًّا كبيرًا، وما زلت مطروحةً بقوة في القضاء البريطاني.

وطالب دول العالم بأن تفعِّل إجراءاتها لملاحقة هؤلاء المجرمين الذين يدمِّرون الإنسان في فلسطين وتفعيل الولاية القضائية في ذلك لنشر هذه الثقافة وتقييد حركات المسئولين "الإسرائيليين".

وأشار إلى أن المنظمات البريطانية بدأت من 2004م في التعاون مع المنظمات الفلسطينية لتجميع أدلة قوية وقانونية ضد مجرمي الحرب الصهاينة؛ ليتم منع سفرهم وتعقب جميع حركاتهم، مشددًا على أن بريطانيا باتت مأوى غير آمن لمجرمي الحرب الصهاينة.


مصالح سياسية


وكشف جونزالو بوي المحامي والحقوقي الإسباني والمدَّعي في القضية المرفوعة حاليًّا أمام المحكمة الوطنية الإسبانية ضد مسئولين عسكريين صهاينة؛ لاغتيالهم الشيخ صلاح شحاذة أحد قيادات حركة المقاومة الإسلامية حماس؛ عن أن إسبانيا مُنحت ميزةً فريدةً في أوروبا في مبادئ الملاحقة القضائية الدولية لمجرمي الحرب الصهاينة؛ حيث منحت أهاليَ الضحايا فرصة التقديم مباشرةً بدعاوى أمام محاكمها، فضلاً عن استطاعة المنظمات غير الحكومية أو المدعي العام الإسباني تقديم مثل هذه الدعاوى كما هو متبع في دول أوروبا.

وأوضح أن النظام الإسباني يحاول إضعاف دعاوى الملاحقة القضائية لمجرمي الحرب الصهاينة عن طريق الادعاء بأنها تُنظر في محاكم دول أخرى أو إحالة القضايا إلى "إسرائيل" نفسها لسماع رأيها في القضية أولاً!! أو التشكيك في وثائق الوكالة عن أهالي الضحايا.

وانتقد إصرار النظام الإسباني على التدخل في أحيانٍ كثيرةٍ لوقف مثل هذه الدعاوى؛ لمصالحه مع الكيان الصهيوني، مطالبًا بأن تُزال هذه العقبات الإسبانية من أمام الحقوقيين، قائلاً: "الولاية القضائية الدولية باتت الملاذ الآمن للضحايا، ويجب ألا تكون ملاذ الساسة للدفاع عن مصالح خاصة وغير قانونية".


جبر الضرر



وعرض شوقي بن أيوب رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان التجربة المغربية في مجال "العدالة الانتقالية": "إن الانتهاكات المغربية في العقود الماضية تطلَّبت تصديًا قويًّا لها لإعداد تقارير حول ضحايا في النفي السياسي والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والقتل خارج نطاق القضاء وسوء المعاملة وتضييع فرص العمل على أساس سياسي".

وأشار إلى أن المنظمات الحقوقية قادت مشروعًا طويلاً تبنَّى كشف الحقيقة وما سمَّاه "جبر الضرر" حتى بات لدى المغاربة حساسية مطلقة اليوم تجاه أي تجاوز حقوقي أو انتهاك لحقوق الإنسان المغربي، على حد تأكيده.



المستقبل مبشِّر



وأكد كمال الجزوالي عضو البرلمان السوداني أن المسألة ليست سهلةً ولكنها مبشِّرة وتتطلب تخلُّص القضاء العربي والغربي من مكبِّلاته والعقبات السياسية التي توضع أمامه، والمشاركة في اتفاقية المحكمة الدولية الجنائية لتفعيل الملاحقة بصورة أوقع.

في تصريحاته أكد السفير محمد صبيح أن العرب تأخَّروا كثيرًا في استخدام القانون الدولي في فضاء المعركة الحالية؛ مما دفع الكيان الصهيوني إلى ملء هذه الفراغ بمفاهيم قانونية لا صلة لها بالقانون، مشيرًا إلى أن الجميع على المستوى الرسمي والشعبي منذ عام 1948م حتى الآن يتحمَّل ذلك، وأنه الأوان لخوض الحرب بكل أبعادها.

ووصف المستشار يحيى الجمل الفقيه الدستوري استخدام هذا السلاح في المرحلة الراهنة بأنه حيوي وجوهري، مؤكدًا أن الصراع مع الصهاينة يتطلَّب أن نستعمل كل سلاح في المواجهة، وخاصةً القانون الدولي.

وأوضح أن هذه الأيام تشهد التفافًا كبيرًا حول القانون الدولي على مستوى العالم، خاصةً القانون الدولي الإنساني وموضوعات التمييز العنصري؛ مما يجعل أحد حلول القضية يكمن في القانون واستخدامه بقوة في الفترة المقبلة.



على هامش المؤتمر:

سامح عاشور- غاب سامح عاشور المحامي والمرشح لمنصب نقيب المحامين عن المشاركة في المؤتمر، خاصةً أنه كان المتحدث الأول في الجلسة الثانية؛ مما أصاب منظَّمي المؤتمر بالحرج الشديد، وأثار الغيابُ تكهنات كبيرة في أوساط المؤتمر حول سبب الغياب وعلاقته بالموقف من التطبيع الصهيوني أو المصالح المشتركة لعاشور مع الحزب الوطني في انتخابات المحامين المصريين المعلقة.

- رفض محسن عوض رئيس المنظَّمة العربية لحقوق الإنسان طرح أحد المشاركين في المؤتمر سؤالاً حول ارتكاب النظام المصري جريمة حرب من الناحية القانونية من عدمه بحصاره لأهالي غزة ومساعدة الصهاينة على ذلك، وهو ما أثار استهجان الحضور.

ليست هناك تعليقات: