الاثنين، 10 نوفمبر 2008

المغرب.. مبادرة لمواجهة التنصير






- 800 منصِّر يتجولون في البلاد لتخريب عقيدة المسلمين



- العلماء يطالبون بإتاحة الفرصة لمواجهة حملة التنصير

الرباط- عبد الله الراشدي:



أعلن المجلس العلمي الأعلى أكبر هيئة علمية بالمغرب عن مبادرة هي الأوسع والأولى من نوعها في مواجهة حملات التنصير التي استفحلت بصورة لافتة في البلاد خاصة في مدينة كزابلانكا العاصمة الاقتصادية للبلاد.

ودعا المجلس الأعلى رؤساء المجالس العلمية إلى بذل المزيد من الجهود التنويرية والتوعوية وتقوية الحضور الإسلامي في المجتمع لملاحقة الدعوات المشبوهة ودحض الإرساليات البريدية التي انتشرت في المغرب باسم "حق الاختيار" تدعو إلى اعتناق المسيحية مدعيةً أن الله هو المسيح.

وتتضمن وثائق "حق الاختيار" التنصيرية المرسلة للمواطنين بثلاث لغات: العربية، الفرنسية، الإنجليزية منطقًا تشكيكيًّا حول إسلام المغاربة، وهل تم بإرادتهم أو بسبب انتمائهم الاجتماعي والجغرافي.

ورغم أن المغرب يضمن حرية التدين لليهود والنصارى في الأماكن المعترف بها رسميًّا، إلا أن البعثات التنصيرية الموسمية تخطت طابعها التقليدي في تقديم المساعدات الاجتماعية والصحية للمعوزين إلى استقطاب الشباب المغربي والوعد بتكوين معرفي عالٍ وضمان فرص الشغل بالدول الأوروبية.

وأوضح المجلس أن ثمة شركة قبرصية الجنسية تنشط بالعاصمة الاقتصادية للمملكة لنشر الأفكار التنصيرية، من خلال كل وسائل التواصل الحديثة لنشر عدد من الشبهات والأسئلة العميقة للتشكيك في طريقة تدين الأفراد، باستخدام وسائل الاتصال المباشر عبر الهاتف والبريد الإلكتروني أو بزيارة موقع خاص للجواب عن الأسئلة مع تقديم عنوان للبريد العادي.

وبعد أن تقرر إحدى الوثائق طريقة الحصول على عنوان المراسلة باستغلال دليل الهاتف الثابت، تشير إلى "أن عينة من الناس بدأت في التفكير.. وفي النهاية قرروا أن يغيروا طريقة عبادتهم حسب إرشادات وتعاليم الإنجيل"، مقدمةً نماذج من صلوات مسيحية تعتبر المسيح المخلِّص من الخطيئة وضامن الحياة الأبدية.


الرباط تبدأ



وفي أول بادرة لتفعيل طلب الهيئة العلمية الكبرى بالمغرب سطَّر المجلس العلمي المحلي للرباط برنامجًا لدحض شبهات التنصير تحت شعار ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ (البقرة: من الآية 120)، ونظَّم ندوات علمية ودينية بكل المساجد التابعة للحيِّز الجغرافي للمجلس بعمالتي الرباط والصخيرات تمارة، لمواجهة شبهات التنصير.

ومن الموضوعات المخصصة للتوعية "نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال الأناجيل الأربعة وإنجيل برنابا"، "دحض شبهات التثليث من الكتاب والسنة والسيرة"، "وحدانية الألوهية عند بعض المهتدين من النصارى".

وأكد العربي المؤدن عضو المجلس أن المجلس- بالإضافة إلى سلسلة الندوات التي خصصها للموضوع- قام بتوجيه مذكرة لخطباء المساجد الموجودة في الحيز الجغرافي للمجلس، لإلقاء خطبة موحدة حول هذا الموضوع.

ولم يعط العربي أي إحصائيات حول عدد الذين تحولوا إلى المسيحية، مشيرًا إلى أن دور المجلس ينحصر في التوعية والإرشاد، أما الإحصائيات فهي من اختصاص وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية.

وفي تعليقه على المبادرة قال محمد يسف الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى: إن تكثيف التوعية حول الحملات التنصيرية "هو أمر يدخل ضمن اختصاصات المجالس العلمية؛ حيث يجتهد كل مجلس في القيام بمبادرات تفي بالغرض".



جريمة قانونية



من جهة أخرى وضع المشرِّع المغربي ضمانات قانونية لتطويق ظاهرة التنصير هناك، بالإضافة إلى تأكيد البند السادس من الدستور المغربي أن "الدين الرسمي للدولة هو الإسلام، مع ضمان حق الديانات الأخرى في ممارسة شعائرها".

وتنص المادة 220 من القانون الجنائي المغربي على معاقبة: "كل من حاول زعزعة عقيدة مسلم؛ بأداء غرامة مالية تتراوح بين 100 و500 درهم والسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات؛ سواء بالضغط أو استغلال ضعفه وحاجته أو استعمال المؤسسات التعليمية والصحية للاجئين والأيتام، وكل مؤسسة ضُبِطَت تقوم بهذا الفعل تغلق نهائيًّا أو بصفة مؤقتة".

وكان موضوع التنصير محور عدة أسئلة كتابية وشفوية إلى وزير الأوقاف والشئون الإسلامية بالبرلمان؛ حيث أكد أن "السلطات المختصة تقوم بواجبها ولا يجب التهويل الإعلامي من المسألة".

وخلال السنوات الأخيرة تراهن الكنيسة الإنجيلية في أمريكا الشمالية والبروتستانتية والكاثوليكية بفرنسا وسويسرا وبريطانيا وألمانيا على استغلال الوجود الجغرافي والإستراتيجي لبعض دول المغرب العربي، خاصةً المغرب والجزائر، لتركيز عقيدة التثليث في إفريقيا كبوابة لتنصير إفريقيا.



وسائل متعددة



وتتنوع وسائل المنصِّرين في استقطاب ضحاياهم من الشباب المغربي؛ الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و34، بين تقديم خدمات مادية وعينية (صحية، أغذية، ملابس..) أو التأثير في تكوينهم المعرفي، بإغراء المرشحين بتكوين راقٍ في علم الأديان وخبرة مهنية عالية، تضمن وظيفة محترمة داخل السلك الوظيفي، وقد تتيح لهم عقد لقاءات وعلاقات مع المؤسسات الجامعية بأمريكا ودول أوروبا على أن تقوم هذه الفئة "المبعوثين المعتمدين" باستقطاب بقية الشرائح الاجتماعية "لتكثيف صفوف الرب"، مستغلين واقع الجهل والعوز الاقتصادي والاجتماعي والحاجة إلى تأشيرة (visa) للعمل بأوروبا وأمريكا للإيقاع بضحايا جدد.

ويصرِّح المطران "جون لوك لوبلان" المقيم بالرباط بأن "المنصرين القادمين إلى المغرب من أمريكا الشمالية لا علاقة لهم بالكنائس المعترف بها رسميًّا ولا علاقة لنا بهم، سواءٌ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كما أن المتنصِّرين لا يرتادون الكنائس ومعظمهم يقضون إجازات بأوروبا وأمريكا"، وهو القول الذي أيدته "كارين طوماس سميث"، إحدى الراهبات المسجلة رسميًّا بالمغرب: "من الطبيعي أن كل شخص يبحث عن دينه الروحي طبقًا لمبادئ حقوق الإنسان".

ويخالف الرأي السابق "جاك لوفرا" عضو مجموعة البحث الإسلامي المسيحي، ويقول: "ليس من حق أي أحد الضغط على الآخرين لتغيير دينهم باستغلال جهلهم أو حاجتهم، فليس هم الذين يتحوَّلون، ولكن الرب هو الذي يحوِّلهم".

ورغم جهود المنصرين المتواصلة وأموالهم المنفقة في سبيل نيل بغيتهم في فتح أراضٍ جديدة للمسيحية بالمغرب وإفريقيا عامة؛ فإن هذا التأخر في الوصول إلى أهدافهم لم يثنِهم على تطوير آليات عملهم باستعمال الآليات التكنولوجية المعاصرة في المنتديات الحوارية أو عبر المراسلات البريدية.

ويكشف عبد الله عسيري الباحث في علم الأديان والحائز على شهادة نجاح في دراسة حياة السيد المسيح أن جميع المؤسسات التنصيرية- رغم تناقض طوائفها- تراهن في عملية الاستقطاب على "البيوت المفتوحة أمام العزاب والعازبات بالدرجة الأولى لتتكون أسرة مسيحية، وبالتالي يضمنون "تمسيح" الأبناء بشكل أفضل وأسرع وأضمن".

ويضيف عسيري هذا بالإضافة إلى الإغراء المادي الكبير، وعندما تتبيَّن بعض المؤسسات التنصيرية أن أحد الأفراد يمكن أن يقوم بدور ما في مشروعها العام توظِّفه في إحدى الشركات التابعة لها، كما تستغل المراكز التي تدرس اللغات الأجنبية لكسب شباب آخرين، وبعد كسب الثقة تتبعها خطوات أخرى: صداقة، زيارات وتعهد وصولاً إلى الفكرة الأساس، التي هي التنصير، وبعد أن تتم تخلية عقل المغربي من معتقداته وأفكاره وإعادة تشكيل عقله؛ يتم إرساله إلى الكليات اللاهوتية المتخصصة في مصر ولبنان كجامعة القديس يوسف مثلاً (لعامل اللغة ويسر التأقلم).

وفي التعليم عبر المراسلة- والذي يمتد لسنتين أو أربعًا- يتم جمع معلومات على المرشح؛ بما فيها صورة شخصية له وحالته النفسية والفكرية والاجتماعية، وقد يرسل المرشح الجواب على أسئلة الامتحان إلى فرنسا أو أمريكا أو سويسرا، ويأتيه تصحيحها وتنقيطها من بعض الدول العربية أو من مراكز من الرباط والدار البيضاء (في حوار أجرته معه جريدة (الصحيفة) المغربية: عدد 34 مايو 2006).

وكانت تقارير إعلامية سابقة كشفت أن أكثر من 800 منصِّر يتجولون بالقرى والمدن المغربية بهدف التنصير، وقد استجاب لهم أكثر من 2000 فرد؛ بسبب تركيز هذه البعثات على الجانب الاجتماعي (منح الفيزا) واستغلال نسبة الأمية في المجتمع التي تراوح 50%.

وذكرت يومية (رسالة الأمة) أن الميزانية المرصودة لنشر المسيحية بالمغرب تُصرَف في الأنشطة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وتوزيع الكتب والأشرطة السمعية والمرئية للتشكيك في عقيدة المغاربة الإسلامية.

ليست هناك تعليقات: